المؤتمر العام التاسع لمنظمة المرأة العربية (النساء والفتيات في المنطقة العربية .. تحديات متقاطعة وآفاق واعدة) - الجلسة الأولى

افتتحت منظمة المرأة العربية مؤتمرها العام التاسع بعنوان "النساء والفتيات في المنطقة العربية: تحديات متقاطعة وآفاق واعدة" في العاصمة الليبية طرابلس وبرئاسة دولة ليبيا، ويستمر يومي 27-28 شباط/فبراير 2023.

ناقشت جلسات عمل المؤتمر من منظور مقارن أربع دراسات إقليمية أعدها خبراء من الدول العربية حول المسائل التالية: قوانين العنف والتحرش في أماكن العمل، وقوانين الانتخابات والأحزاب السياسية، وأنظمة الضمان الاجتماعي في مجال صحة المرأة، وتمكين الناجيات من العنف في الحروب والنزاعات والاحتلال والإرهاب. ويقدم في كل محور من المحاور الأربعة تقارير وطنية تتناول خبرات الدول العربية في الموضوعات محل النقاش، إضافة إلى تقرير إقليمي.

الجلسة الأولى:
عقدت الجلسة الأولى التي تناولت قوانين الانتخابات والأحزاب السياسية برئاسة الدكتور مختار محمد العماري، وافتتحت بعرض التقرير الوطني للمملكة الأردنية الهاشمية أعدته وقدمته الأستاذة الدكتورة أماني غازي جرار. وأوضحت سيادتها إن الدراسة خلصت إلى مجموعة من النتائج أهمها أن مشاركة المرأة الأردنية في الحياة السياسية المتمثلة بالسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ومواقع صنع القرار والحياة الحزبية السياسية في الأردن لم تتعد أكثر من (10%) على أفضل تقدير، وأن النساء الأردنيات يخضعن في المجتمعات المحلية لقيود اجتماعية تحدّ من مشاركتهن السياسية، وتحصرهن بخيارات محدودة تصب في مصلحة الذكور. وشددت على أهمية تحديد المعوقات الاجتماعية والثقافية التي تحول دون مشاركة المرأة السياسية والتصدي لها من خلال التوعية.


وعن السودان تحدثت الدكتورة سهير أحمد صالح وقالت إن دستور عام 1998 والمعدل عام 2005 كان فاتحة خير على النساء في السودان إذ نص على تحديد نسبة لمشاركة المرأة في المجلس التشريعي ، وانعكس ذلك لاحقاً في قوانين الانتخابات لا سيما قانوني 2008 الذي نص في مادته 29 على تخصيص نسبة 30% من مجموع عدد أعضاء المجلس التشريعي للنساء كحد أدنى، وينطبق هذا الأمر على البرلمان القومي والمجالس التشريعية الولائية بذات النسب المئوية وبذات الإجراءات، وقانون عام 2018. و ونتيجة لهذ الحق، ارتفعت نسبة تمثيل النساء في آخر برلمان2015-2019م الى نسبة 33% وهي أعلى نسبة مشاركة على مدى تاريخ السودان. بالنسبة إلى مشاركة المرأة في الأحزاب، أوضحت أنها تحدد في الأنظمة الداخلية للأحزاب وبلغت في حدها الأقصى 50% وفي حدها الأدنى 15%. وأوصت بضرورة تطوير مفهوم المشاركة في الفضاء العام بحيث لا يصبح هو الوظيفة العامة فقط بل القدرة على التأثير في المجتمع عموماً من خلال أي نشاط يعمل على بناء مجتمع فاعل وقادر.


بالنسبة إلى العراق، قال الدكتور إياد هلال حسين الكناني، إن الانتقال الديمقراطي في العراق بعد العام 2003 أحدث نقلة نوعية بإتجاه تعزيز مشاركة المرأة السياسية في الانتخابات والتمثيل النيابي وفي الحياة الحزبية بما عزز المساواة بينها والرجل وسد حزء من الفجوة بينهما في العدالة الاجتماعية. أقر الدستور صراحة بحق المرأة في المشاركة في ادارة الشؤون العامة عبر منحها حق الانتخاب والترشيح واقرار نظام الكوتا النسائية في مجلس النواب بنسبة لا تقل عن 25%. وعلى هدى الدستور، سارت كل قوانين الانتخابات في ضمان مشاركة المرأة وتحقيق نسبة الكوتا في المجالس المنتخبة ولا سيما في مجلس النواب، فضلاً عن نص قانون الأحزاب السياسية حق المرأة في تأسيس الأحزاب والانضمام اليها واشترط تمثيل المرأة في الهيئات المؤسسة للأحزاب. واعتبر أخيراً أن تحليل واقع البيئة الاجتماعية والثقافية بما تعكسه من قيم وعادات وأفكار تقليدية عن دور المرأة ومكانتها في المجتمع أمر ضروري، باعتباره يمثل معوقاً يحد من المشاركة السياسية للمرأة .


وعن سلطنة عمان، قال الدكتور سيف بن ناصر المعمري إنه فيما يتعلق بالتطور التاريخي للمشاركة السياسية للمرأة العُمانية، وهي تجربة زمنية قصيرة وإنجازات متواضعة لا تتعدى ١١ مقعداً خلال ثلاثين عاماً، كشفت الدراسة أنه على الرغم من أن الإطار القانوني لا يشير إلى أي تمييز سلبي أو إيجابي بحق المرأة، فالسياق الاجتماعي والثقافي يعزز فرصَ تحسين المشاركة السياسية للمرأة نتيجة تحسين مكانتها التعليمية وتوسيع مشاركتها في الحياة الاقتصادية. وبرزت من خلال الدراسة أربعة تحديات، هي: العوائق الاجتماعية، وعدم ثقة النساء بقدرتهن على المشاركة السياسية، وضعف التنشئة السياسية، وعدم تطبيق الدولة نظام الكوتا. وخلصت الورقة إلى أن هناك مسارين مستقبليين لتحسين المشاركة السياسية للمرأة العُمانية، هما: مراجعة قوانين الانتخابات من خلال تطبيق نظام الكوتا، وتحسين الثقافة السياسية للمرأة العُمانية.


بالنسبة إلى فلسطين، قالت الأستاذة دانا فراج، أنه على الرغم من دورهن التاريخي في نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، سواء الانتداب البريطاني أم الاحتلال الإسرائيلي، ما يزال التمييز القائم على أساس الجنس يشكل عائقاً أمام مشاركة النساء الفلسطينيات رسمياً في عملية صنع القرار وفي التأثير السياسي، بسبب سيادة الفكر الذكوري والثقافة المجتمعية التقليدية. ثمة قصور واضح في النصوص القانونية الناظمة للأحزاب السياسية في فلسطين وتعارض فيما بينها وعدم ترابط، إضافة إلى القيود المفروضة على حرية العمل الحزبي. تبرز الحاجة إلى تغيير منظومة التشريعات والقوانين التي تعالج قضايا المرأة ومشاركتها السياسية، ومراجعة الأنظمة الداخلية للأحزاب الفلسطينية. وتبرز الحاجة أيضاً إلى التوعية بأهمية المشاركة السياسية للمرأة، خاصة بين الجيل الشاب، والعمل على تغيير الصورة النمطية لدور المرأة.


عن لبنان، كشف الدكتور كمال فغالي أنه رغم الهامش الواسع من الحريات العامة والحرية الاجتماعية التي تتمتع بها المرأة اللبنانية نسبياً، ووضعها المتقدم في التعليم، ما يزال لبنان من أقل الدول تمثيلاً للمرأة في البرلمان والسلطة التنفيذية. فلبنان هو الدولة العربية الأولى التي ساوت في قوانين الانتخاب بين الرجال والنساء، الا ان مشاركتهن في المجلس النيابي بقيت هامشية ومحصورة بالتوريث العائلي والحزبي باستثناء فوز ست نساء من خارج إطار المنظومة السياسية التقليدية في انتخابات 2022. لم تُعِر قوانين الانتخاب أي أهمية لموضوع مشاركة النساء، لكن اعتماد النسبية ساهم في ارتفاع نسبة ترشح النساء من 1.7% عام 2009 الى 14.8% عام 2022. تشكل الكوتا النسائيّة إحدى الاجراءات التي يمكن ان تحدث تغييراً سريعاً، وهي طرحت منذ عقود، لكن أحزاب الطوائف ثابرت على رفضها.

بالنسبة إلى المغرب، قال الدكتور عبد العزيز قراقي إن المجهود الكبير الذي بذل في المغرب من أجل تعزيز المشاركة النسائية من شأنه أن يحقق تحولاً يصعب الجزم إن كان بنيوياً أم لا، بدليل أن النساء اللواتي يستفدن من التمييز الإيجابي على مستوى الانتخابات البرلمانية يصعب عليهن خوض الانتخابات فيما بعد إلى جانب الرجال بشكل عادي خاصة في القرى. إلى هذا، لطالما تميزت الانتخابات في المغرب باستمرار تغيير القوانين إما بشكل كلي أو نسبي ولم تعرف المنظومة القانونية الخاصة بالانتخابات الاستقرار. اتضح أن هناك دينامية حقيقية في المجتمع المغربي، تعكسها المقاربة الكمية للترشيح على مستوى كافة الانتخابات في العقد الأخير، ولكن لا يمكن اعتبار أن القوانين كانت الآلية الوحيدة للتغيير بل ساهمت فيه تحولات عديدة فتحت آفاق للمرأة.


حول موريتانيا، قال الدكتور محمد أحيد الشيخ حاميلي إن موريتانيا عرفت منذ استقلالها حتى اليوم العديد من الأنظمة المدنية والعسكرية، تأرجحت فيها مكانة المرأة بين الاهتمام والتهميش. تضمن أول دستور للبلاد إشراك أفراد المجتمع كافة وخاصة النساء في إدارة شؤون البلاد، ومع ذلك ما تزال المشاركة السياسية للمرأة في موريتانيا ضعيفة ولا ترتقي لمستوى نسبة دورها في المجتمع الموريتاني أو الإنجازات التي حققتها على الصعد الاجتماعية والاقتصادية. ويظهر ضعف مشاركة المرأة في الحياة السياسية، من خلال ضعف تمثيلها في الحكومات والبرلمان والنقابات والأحزاب السياسية. وترجع مشاركة المرأة في الهيئات الحكومية إلى قرارات عليا نصت على ضرورة تمثيل المرأة في الحكومات وفي الهيئات المختلفة، وأدرج نظام الكوتا النسائية في قانون الانتخابات 2006 المعدل عامي 2011 و2018. إن تعامل الأحزاب السياسية الموريتانية مع المسألة النسائية تحكمت فيها مجموعة من السياقات التاريخية والأيديولوجية والفكرية، وجعلت من بنياتها التنظيمية الداخلية رهينة لها، وبالتالي فإن قدرتها في تمثيل الفئات الضعيفة داخل المجتمع كالنساء والشباب في إطار تحقيق مبادئ وقواعد الديمقراطية ظل محدوداً.

 
عن اليمن، قال الدكتور محمد مقبل سيف حسن إن الأحزاب  السياسية في اليمن تعتمد بشكل كبير على أصوات النساء في الانتخابات العامة (نيابية ، محلية ، رئاسية)، لكنهم يخلقون الأعذار لعدم إشراكهن في قيادتها  أو عدم ترشيحهن في قوائم المرشحين في الانتخابات العامة. المشاركة السياسية تدفع المرأة اليمنية إلى المساهمة في وضع السياسات العامة في مختلف المجالات، ولا شك أن انخراطها في عضوية الأحزاب هو الخطوة الأولى في حجز مقعد لها على الساحة السياسية. إلا أن هذا النجاح مرهون بالعديد من العوامل، أهمها: تشجيع تلك الأحزاب السياسية للمرأة للارتقاء بمستواها الفكري لتكون قيادية فيها، وهذا الطموح يصطدم دائماً بالفكر الذكوري لدى قيادات تلك الأحزاب وأوضح أن هذه الدراسة هدفت إلى تحليل نتائج مشاركة المرأة في الانتخابات العامة وانخراطها في العمل الحزبي وتختتم بعدد من النتائج والتوصيات التي من شأنها المساهمة في تطوير دور المرأة في الحياة السياسية.


عرض التقرير الإقليمي الدكتور سعيد خمري وقال إنه عبارة عن قراءة تحليلية لمخرجات التقارير الوطنية و شملت محاورها: الأطر الدستورية والقانونية المتعلقة بتنظيم المشاركة السياسية للمرأة العربية (المحور الأول)؛ للكشف عن فجوات ونواقص التشريعات والقوانين العربية على محك الممارسة في شأن تعزيز المشاركة السياسية للمرأة العربية (المحور الثاني)؛ وتسليط الضوء الممارسات الفضلى و التجارب الناجحة للمشاركة السياسية للمرأة العربية بالعلاقة مع  منظومة التشريعات الوطنية، أو الإجراءات الخاصة بتنظيم وعقد الانتخابات، بهدف الرفع من التمثلية السياسية للنساء في المنطقة العربية (المحور الثالث)؛ وتبيان مدى تأثير قوانين الانتخابات والأحزاب السياسية على مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية (المحور الرابع). وخلصت التقرير إلى استنتاجات وتوصيات سيتم رفعها إلى مشرعي القوانين في الدول العربية، من أجل مواجهة التحديات التي تحول دون المشاركة السياسية الكاملة والفعالة للمرأة العربية.