فعاليات الطاولة المستديرة حول "التمكين السياسي للمرأة “

التي عقدت ضمن فعاليات الملتقى رفيع المستوى (تمكين المرأة في دول المغرب العربي)

21/05/2025

 بدء فعاليات الطاولة المستديرة حول"التمكين السياسي للمرأة “ بمشاركة وزيرات المرأة في دول المغرب العربي اللواتي قدمن عروضًا عن تجارب دولهن في مجال التمكين السياسي للمرأة. كما شهدت أعمال الطاولة عرضًا للدراسة التي أعدتها المنظمة حول "صيغ مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية: فعالية واستدامة مشاركة المرأة في القرار السياسي عبر نظام الكوتا"، كذلك قدمت الأستاذة الدكتورة/ فاديا كيوان، المديرة العامة للمنظمة رؤية تحليلية حول أهم الفرص والمعوقات أمام المشاركة السياسية الفعالة للمرأة.

قدمت معالي الوزيرة/ صفيه انتهاه، وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة بالجمهورية الإسلامية الموريتانية عرضًا حول التمكين السياسي للمرأة الموريتانية استعرضت فيه الإطار القانوني والإطار المؤسسي، ومستوى النفاذ لمراكز صنع القرار، والمرأة في البرلمان، والمرأة في المجالس البلدية و الجهوية، والمرأة والحملات الانتخابية، كما استعرضت التحديات وقدمت مجموعة من التوصيات. فأوضحت معاليها أن التمثيل البرلماني للمرأة الموريتانية زاد بمعدل تصاعدي إلى أن وصل عام 2023 إلى 23.3 % وتُشكل النساء 21,4% من الوزراء و34% من الوظائف العمومية.
وأوضحت معاليها أن هناك معوقات متنوعة منها الحواجز السلوكية والاجتماعية التي تمنع المرأة من الاستفادة من الحماية الكاملة لحقوقها القانونية أو من ممارسة هذه الحقوق، فضلا عن الأمية وضعف قدرة بعض النساء على الوصول للمعلومات. 
كما لفتت إلى تعرض النساء في الريف لضغوط ثقافية واقتصادية قوية مثل زواج الأطفال وتعدد الزوجات والطلاق والعنف المنزلي والنوعي والتهميش. أشارت كذلك إلى صعوبة حصول المرأة على القروض وأن الاستثمارات العامة والمخصصات القطاعية لا تراعي المساواة بين النوعين، وأحيانًا يتم إقصاء المرأة من ملكية الأرض بسبب التقاليد.
واعتبرت معاليها أنه رغم التحديات توجد فرص لدعم النساء سياسيا من ذلك توافر الإرادة السياسية ووجود سياسات وأطر مؤسسية واقتصادية ومرجعية لصالح تمكين المرأة، ووجود استراتيجيات مثل:استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك؛ واستراتيجية مأسسة النوع. ووجود المرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة.
ومن التوصيات التي طرحتها معاليها أهمية تعزيز التنسيق بين  المؤسسات المسؤولة لضمان تمكين المرأة، وحماية الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفئات الضعيفة (النساء والشباب والمعوقون والفقراء والمعرضون لخطر الاستبعاد)، ودعم شبكات حقوق المرأة، ودعم دمج اعتبارات المساواة بين الجنسين من قبل الوزارات ومنظمات المجتمع المدني في سياساتها واستراتيجياتها وبرامجها القطاعية، واعتماد قانون خاص بمكافحة العنف ضد النساء والفتيات، واعتماد سياسة التمييز الإيجابي لصالح المرأة على مستوى الأنشطة الاقتصادية في المناطق الريفية والحضرية، وتعزيز قدرات النساء المنتخبات على المستوى المحلي، وتعزيز تعبئة ورصد التمويل من أجل تعزيز المساواة بين النوعين، ووضع وتنفيذ خطة اتصال وتوعية لصالح المرأة، ومراجعة النصوص المتعلقة بالمشاركة السياسية للمرأة بإعطائها 33٪ بدلا من 20٪ على مستوى عمد البلديات والمجالس الجهوية والبرلمان، وإعطاء حوافز مالية للأحزاب السياسية التي تقدم المزيد من النساء.
 
ولخصت الأستاذة الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية إجمالي المداولات في الآتي:
-ضرورة مقاربة التمكين السياسي للمرأة من منظور يراعي الارتباط العضوي بين التمكين السياسي والاقتصادي للمرأة، ذلك لأن النشاط الاقتصادي للمرأة والاستقلالية الاقتصادية لها شرط أساس لتحقيق التمكين بمعناه العام. 
- أي تقدم في مكانة المرأة يعود بالنفع المباشر على أسرتها وعلى المجتمع ككل. ومن ثم، ومن هذا المنظور،  فإن تفعيل مشاركة المرأة وتمكينها يشكل مدخلا رئيسيا لتحقيق التنمية المستدامة. 
 - ينطوي التطور التشريعي المعاصر على إقرار المواطنة الكاملة للمرأة أسوة بالرجل، ويظهر هذا في التشريعات والعهود والاتفاقات الدولية وكذا في دساتير الدول، ومن ثم لابد من مواصلة السعي لتعديل التشريعات الوطنية لتتفق مع مقررات الدساتير فتضمن المساواة الكاملة للنساء في الفرص وتتيح لهن المجال للعمل والمشاركة والمساهمة الفاعلة في نهضة المجتمع.
- تأكيد العزم على التواصل وتبادل الخبرات بين الدول العربية حول تمكين المرأة،  فهناك قصص نجاح حقيقية وعلي أرض الواقع تشهد بها تجارب دول المغرب العربي التي عُرضت في الملتقى والتي تتسم بالتنوع والثراء.
- إن الإرادة السياسية الواضحة والتي تدعم تمكين النساء والفتيات في الدول العربية، لابد أن يرافقها عمل متواصل في مجال التمكين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وتعزيز مهارات النساء وقدراتهن، والتوعية الثقافية والاعلامية والتربوية لتغيير الصور النمطية عن المرأة وبناء وعي وثقافة جديدة تحترم أدوار النساء في بناء المجتمع. وهنا يتموقع دور منظمة المرأة العربية باعتبارها منصة التعبير عن النساء العربيات.
وختمت سيادتها بالاعراب عن سعادتها بالحوار والتواجد مع قائدات العمل النسائي في دول المغرب العربي في رحاب أرض موريتانيا العزيزة.
 
قدمت معالي الوزيرة أسماء الجابري وزيرة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السّنّ-الجمهورية التونسية عرضًا حول التمكين السياسي للمرأة حيث أوضحت معاليها أن المشاركة السّياسيّة لا يمكن أن تناقش بمعزل عن السياقات الثقافية والاجتماعية، مضيفة أن المشاركة السياسية فعل مواطني وحق وواجب ونتاج لأنماط التنشئة وتوزيع الأدوار في المجتمع.
ولفتت إلى أن التاريخ التونسي يزخر بالنساء البارزات في الشأن السياسي والعام، وذكرت في هذا الإطار بعض الأيقونات مثل أمّ مَلاَّلْ بنتُ منصور الصّنهاجيِ التي كانت وصيّةً على عرشِ ابن أخِيها المعزُّ بن باديس إلى تاريخِ وفاتِها سنة 1023م، والسيدة بشيرة بن مراد مؤسسة الاتحاد النسائي التونسي،  والسيدة راضية الحداد أول امراة تصل الى البرلمان لثلاث دورات متتالية، كما نوهت بدور رواد الفكر الإصلاحي منذ أواخر القرن ال19.
وعن التجربة التونسية المعاصرة، ثمنت معاليها المكاسب التّي تحقّقت للمرأة في تونس على غرار تعيينِ رئيستَي حكومة، الأولى سنة 2021 ، ثم سنة 2025 بتعيين السيدة سارة الزعفراني الزنزري على رأس الحكومة الحاليّة والتي تضم 29 عضوًا وعضوةً.
وحرصت تونس على دسترة حقوقِ المرأة، إذْ يقر الدستور التونسي بمبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوقِ والواجباتِ وأمامِ القانونِ دونَ تميِيز، ويلزم الدستور الدّولة بحمايةِ الحقوق المكتسبة للمرأةِ والعملِ على دعمها وتطويرها وضمان تكافُؤ الفرص بينها وبين الرّجل في تحمّلِ مختلَف المسؤوليّاتِ وفي جميعِ المجالات واتّخاذ التّدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضدَّ المرأة. لافتة إلى صدور  القانونِ الأساسي للقضاءِ على العنفِ ضدَّ المرأة عام 2017.
وبلغت نسبة النّساء في البرلمان حاليا 15% من مجموع الأعضاء و13% من أعضاء المجلسِ الوطنيِ للجهات والأقاليم. وقد تم انتخابهن على قاعدة الأفراد لكفاءتهن ولثقة النّاخبين فيهن.
كذلك  تمثّل الوزيرات في الحكومة الحاليّة 23%، تتقلّدن حقائبَ سيادية وحقائبَ تقنيّة كالعدلِ والماليّة والصّناعة والطّاقة والمناجم والشّركات الأهليّة والشؤون الثّقافيّة والأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السّنِّ. كما تمثّل التونسيّاتٍ اليومَ 20% من رئيسات البعثات الدبلوماسيّة والقنصليّة.
وأكدت أن تونس تنفذ العديد من البرامج لدعم نفاذ النّساء إلى مواقعِ القرارِ في الحقْل السياسيِّ والعام.
وتوقفت معاليها عند التحديات الثقافية أمام المشاركة السياسية للمرأة، مشددة على أن تحقيق تكافُؤ الفُرص بين النساء والرجال في الشأِ العام وفي اتّخاذ القرار هو رهين تنشئة سياسيّة لا تُعيد إنتاجَ التّوزيع التقليديّ للأدوار، وتنقطعُ عن المخيالٍ الجَمعِيٍّ الذي لا يثمن الفعل النّسائيَّ، و تعتمد في المقابل على مقارباتٍ دامجة للنّساء لاسيما اللواتي يعانين هشاشة اقتصاديّة أو اجتماعيّة في الأوساط الرّيفيّة وفي صفوفِ ذوات الإعاقة.
وفي ختام مداخلتها وجهت سيادتها التحية للنساء العربيّات كافة وخصوصا في فلسطين وغزّة وجددت الموقف الثابت لتونس من القضية الفلسطينية.
 
 
وفي العرض الذي قدمته معالي السيدة نعيمة بن يحيى وزيرة التضامن والادماج الاجتماعي والأسرة حول "التمكين السياسي للمرأة"، نوهت معاليها بدور منظمة المرأة العربية الريادي في تعزيز العمل العربي المشترك، من أجل النهوض بأوضاع النساء في الدول العربية، كما ثمنت موضوع اللقاء الذي يتيح تسليط الضوء على إنجازات وآفاق مشاركة المرأة في الحياة السياسية في دول المغرب العربي، وكذا التحديات التي تواجهها، مؤكدة أن مشاركة النساء في الحياة العامة تعتبر من أبرز مظاهر الالتزام بمبادئ الديموقراطية وتحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين، وأن التمكين السياسي للنساء من شأنه تحقيق التمكين المتكامل والشامل للمجتمع، حيث أثبت الواقع أن النساء عندما تتحملن مواقع المسؤولية، فهن يدافعن عن الأطفال والنساء والمسنين، وعن المرضى والأشخاص في وضعية إعاقة، وعن كل مواطن أو مواطنة موجودة في وضعية هشاشة ، أي أنهن يدافعن عن قضايا المجتمع ككل.
وحول تجربة المملكة المغربية في مجال التمكين السياسي للنساء أكدت معاليها أن المملكة شهدت تقدما تدريجيا وثابتا بفضل دينامية مجتمعية مستمدة من الإرادة السياسية القوية التي يعبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، ومن الدستور المغربي لسنة 2011 الذي نص على إرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالأمن والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص. وأوضحت معاليها:
أنه على المستوى القانوني: شهدت الترسانة القانونية المغربية تعديلات مهمة منها: قانون الأحزاب السياسية (نسبة الثلث لصالح النساء في الهياكل الوطنية والجهوية للأحزاب) والقانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب ، والنظام الداخلي لمجلس النواب (حصة للنساء في مواقع القرار -إحداث مجموعة موضوعاتية للمساواة والمناصفة)، والنظام الداخلي لمجلس المستشارين (اعتماد مقاربة النوع - إحداث مجموعة موضوعاتية للمساواة والمناصفة)، فضلا عن تعديلات أخرى عدة.
وعلى مستوى الآليات: تم إنشاء صندوق الدعم لتعزيز تمثيل النساء في الحياة السياسية والمؤسساتية، وكذا منصة رقمية خاصة بالبيانات الإحصائية حول المساواة بين الجنسين من طرف المندوبية السامية للتخطيط، ومنصة رقمية تفاعلية من طرف وزارة الداخلية حول البيانات المتعلقة بالمشاركة السياسية للنساء . فضلا عن نشاط المجتمع المدني والجامعات حيث تتوفر الجامعات المغربية على وحدات خاصة بمجال النوع، وثمنت معاليها في هذا الإطار مبادرة منظمة المرأة العربية للانفتاح على الجامعات وتعزيز دراسات المرأة.
وعلى مستوى تواجد النساء في مراكز القرار ومواقع المسؤولية : أوضحت معاليها أن الحكومة المغربية الحالية بها 7 وزيرات في مناصب متنوعة، بنسبة 26.3%من الحكومة، كما ارتفعت نسبة تمثيل النساء في مجلس النواب لتصل إلى  95 عضوة سنة 2021.
وتتقلد ثلاث نساء لأول مرة منصب عمدة في كبريات المدن، فضلا عن انتخاب امرأة رئيسة لجهة، تم انتخابها كذلك رئيسة لجمعية جهات المغرب، وارتفعت نسبة النساء من 37,6% إلى 38,5% بالمجالس الجهوية، ومن 4,2% إلى 35,6% بالمجالس الإقليمية، ومن 21,2% إلى 26,6 بالمجالس المحلية.
وأكدت سيادتها أن  التمكين السياسي للنساء له ارتباط وثيق بالتمكين الاقتصادي لهن ، لأن المرأة التي لها استقلالية مالية تستطيع أن تحقق ذاتها وتفرض وجودها وتكتسب احتراما وثقة من طرف المجتمع ، وانطلاقا من أن التمكين الاقتصادي هو أساس التمكين السياسي أولى المغرب أهمية قصوى لبرنامج التمكين الاقتصادي للنساء داخل الأسرة وخارجها .
وعلى صعيد التحديات، لفتت معاليها إلى أن المغرب مثلا يواجه صعوبات بالنسبة لترشح النساء للانتخابات على مستوى بعض الدوائر المحلية ، وهذه الصعوبات تجد مردها إما عند النساء أنفسهن، لكونهن لا يجرؤن على التقدم في دوائر قد لا يتم انتخابهن فيها، أو عند بعض الأحزاب السياسية بنسائها ورجالها، التي تفضل عدم المغامرة بمقعد انتخابي قد يكون حاسما لتحمل المسؤولية والمشاركة في الحكومة.
وأوضحت أن وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة تقوم بالتشاور مع منظمات المجتمع المدني المتخصصة في قضايا المساواة بين الجنسين والتمكين السياسي للنساء، من أجل اقتراح تدابير لتعزيز مشاركة النساء، وتمكينهم من تبوء مراكز المسؤولية السياسية واتخاذ القرار السياسي، مع مواكبة ذلك بحملات توعوية وتثقيفية موجهة للمجتمع بشكل عام.
 
قد قامت الوزيرات عقب انتهاء أعمال الطاولة بالتوجه إلى مقر رئاسة الوزراء بموريتانيا حيث استقبلهن معالي السيد المختار ولد اجاي الوزير الأول .وناقش اللقاء خلاصات الطاولة المستديرة وكيفية توطيد أواصر التضامن والعمل العربي المشترك حول قضايا المرأة.
 
 

أخبار متعلقة